فن اللامبالاة: تعريفه، فوائده، تحدياته، وكيفية تطبيقه بفعالية في 2025
في العصر الحالي، خاصّةً مع بُروز الذكاء الاصطناعي إلى الواجهة، أصبحنا نتلقّى يوميًّا كمًّا هائلًا من المعلومات، وزادت ضغوطاتنا؛ لأنّنا نسمع أو نُشاهد أو نقرأ كل يوم أنّ الذكاء الاصطناعي قادر على القضاء على عدّة مهن، وأحيانًا يقوم بها بكفاءة أفضل من البشر. والأشخاص المحيطون بنا ينتظرون منا توقّعات غير واقعيّة. كل هذه العوامل تقودنا نحو القلق والتوتر، والسعي لتحقيق أهداف قد لا تكون مهمة بالنسبة إلينا، أو لا تتوافق مع قدراتنا العقليّة والجسديّة.
لهذا السبب، علينا تبنّي فلسفة فن اللامبالاة بصفتها فلسفة قادرة على مساعدتنا على التركيز على ما يهمنا حقًا وما يتوافق مع شغفنا، بعيدًا عن التوقّعات غير الواقعيّة أو الأعباء الزائدة.
في الآونة الأخيرة، أصبح مصطلح فن اللامبالاة شائعًا في الدول الناطقة بالعربية، بفضل كتاب “فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف” للكاتب مارك مانسون، الذي يدعونا فيه إلى إعادة تقييم قيَمنا وأولوياتنا في الحياة. ومع أنّ الكتاب لا عَلاقة له باللامبالاة بالمعنى السلبي، فإنّ الذين لم يقرؤوه يظنّون أنّه يتحدّث عن اللامبالاة بمعنى حالة نفسية يتّسم بها الفرد عندما يفقد القُدرة على التفاعل مع المواقف التي كانت قد تُثير اهتمامه أو عاطفته في السابق.
فِهْرِس المحتويات
ملخص الكتاب باختصار: “فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف”
“فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف” هو كتاب للمؤلف مارك مانسون، يُقدّم فيه منظورًا جديدًا للسعادة والنجاح. يدعو الكتاب إلى تقبّل الشخص لحقيقته والاعتراف بأنّ الحياة مليئة بالصعوبات والفشل، وأنّ السعي الدائم للإيجابية قد لا يكون ذا فائدة.
يُشجّع مانسون القُرّاء على تحديد الأشياء المهمّة حقًا في حياتهم والتركيز عليها، وعدم الاهتمام بما لا يستحق جُزءًا من اهتمامهم. تدور فكرة الكتاب حول أن تبنّي الصدق مع الذات وتقبّل التحدّيات يُمكن أن يُؤدّي بالفرد إلى الرضا الحقيقي وعيش حياة ذات معنى.
لماذا قدَّمتُ لكم ملخص كتاب “فن اللامبالاة” للمؤلف مارك مانسون، خاصةً أن الكتاب لا علاقة له باللامبالاة؟
لقد قدمتُ ملخصًا لكتاب “فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف” للمؤلف مارك مانسون، لأنّني كنتُ ولا أزال أرى أنّ غالبية الناس لم يقرؤوا الكتاب ويحكمون عليه فقط من عنوانه. وعندما يرون شخصًا يتصرّف بسلوكٍ سيئٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، أو يقوم بعملٍ دنيء، يُعلّقون باستهزاء قائلين إنّ صاحب هذا الفيديو أو المنشور قد قرأ كتاب “فن اللامبالاة” مئة مرّة. ولكن لو قرأ الكتاب، صاحب التعليق أو من تصرف تصرفًا مشينًا، لما تفوَّهوا بتلك التفاهات.
ما هو فن اللامبالاة؟
يُقصَد بـ فن اللامبالاة عدم الاهتمام بما لا يهمنا حقًّا، والتركيز على ما يهمنا فعلًا، وتجاهل الأمور التي ينبغي لنا تجاهلها.
يتمثّل ذلك في تحديد القيّم التي تستحق اهتمامنا وجُزءًا من تركيزنا، وعدم القلق بشأن الأمور التي لا نستطيع التحكّم بها، مثل آراء الآخرين، والأحداث المستقبلية غير المؤكدّة، أو الظروف الخارجة عن إرادتنا.
لماذا نحتاج إلى اللامبالاة؟
أصبح من المهم اليوم تبنّي فن اللامبالاة، خُصوصًا في عصر الماديّة والمقارنات الاجتماعيّة.
بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الناس، بغضّ النظر عن مكانتهم الاجتماعيّة أو مُستواهم الثقافي، يُقارنون حياتهم بحياة الآخرين، ويحسدون الناجحين، ويتنمّرون على أشخاص حتّى لو لم يعرفوهم، ويُقلّلُون من نجاحات الآخرين، ويفترون عليهم، وينسجون حولهم آراءً خاطئة لجعل الناس تكرههم.
لذا، فإن تبنّي فلسفة فن اللامبالاة أمر لا غنى عنه اليوم إذا أردنا حقًا تخفيف الضغط النفسي. فعلى سبيل المثال، عندما نهتم بكل الأمور المُحيطة بنا ونتّبع المُؤثرين السلبيين على وسائل التواصل الاجتماعي، نُلقي بأنفسنا في أحضان التوتر والقلق المُستمر.
لهذا السبب، أنصحكم بتبنّي فن اللامبالاة إذا أردتم التخلّص من الضغوط الزائدة.
بالإضافة إلى ذلك، تسمح لنا فلسفة اللامبالاة بالتركيز فقط على ما يهمنا حقًا؛ هذا يعني أنّنا نمنح أنفسنا الفُرصة لتوجيه جُهودنا واستغلال وقتنا الثمين في أمور تجلب لنا الرضا الذاتي والسعادة.
في حياتي الشخصية، رأيتُ أشخاصًا يتبنّون فن اللامبالاة ويهتمون بالأمور التي تزيد من قيمتهم في الحياة، ويبتعدون عن الأمور التي تُضيع وقتهم ولا يستطيعون التحكّم فيها، والتي تزيد من سلبيّتهم وتشاؤمهم. هذا يعني أن تبنّي فن اللامبالاة يُساعد الأفراد على تقويّة صحتهم النفسيّة.
أمثلة على تطبيق فن اللامبالاة في الحياة اليوميّة
يُمكن تطبيق فن اللامبالاة في عدّة جوانب، وأنا شخصيًّا أستخدمه في استقبال آراء الناس من حولي، وأتجاهل آرائهم السلبيّة عنّي تمامًا.
لماذا أفعل ذلك؟ أفعل ذلك، لأنّ انتقادات الناس لشخصي ليست صحيحة بنسبة 100%، فهم لا يعرفون حياتي الشخصيّة ولا ظُروفي، ولا يعرفون الجُهد الذي أبذله في تطوير نفسي، بل يعرفون فقط ما أُريد أنا أن يعرفُوه. لهذا السبب، فإنّ حُكمهم عليّ خاطئ تمامًا.
فعلى سبيل المثال، إبراهيم كاتب ينشر مقالاته عبر الإنترنت في مجال مُعيّن، ويتلقّى بعض التعليقات السلبيّة بخُصوص أسلوبه في الكتابة ويستهزئون بكتاباته. لكن، إبراهيم لا يُعير اهتمامًا لهذه الآراء ولا يُضيع وقته في الرد عليها، بل يُركّز على التعليقات البنّاءة التي تُقدّم قيمة مُضافة لما يكتب ويُشارك مع قرائه.
إذا أردت أن تتقدّم في حياتك، فكُن مثل إبراهيم ولا تهتم بالانتقادات الغبيّة النابعة من حاسدين ينسون حياتهم الشخصيّة ويُراقبون حياة الآخرين، بل ركّز على الآراء البنّاءة التي يُمكنها مُساعدتك على تحسين نفسك.
فضلًا على ذلك، يُمكن استخدام اللامبالاة في مُواجهة التوقّعات الاجتماعيّة. فالمجتمع يُريد منك أن تطير عاليًا مثل الصقر، ويتجاهل أنّك لا تملك أجنحة أو إمكانات. فعلى سبيل المثال، تخرّج زكرياء حديثًا من الجامعة، وواجه ضُغوطًا من عائلته ليعمل في شركة مرموقة ويحصل على راتب عالٍ. لكن زكرياء يرغب في بَدْء مشروعه الخاص في مجال يهوى العمل فيه.
قرّر زكريّاء عدم المُبالاة بتوقّعات الآخرين والسعي وراء شغفه، ما أدّى به في النهاية إلى نجاح مشروعه وشُعوره بالرضا. وعندما نجح، قالت له عائلته: “كُنّا نعرف أنّك ستنجح، إنّ عائلتنا لديها جينات الذكاء”، مع أنّهم لم يثقوا به أبدًا.
في السياق ذاته، تبنّت منال فلسفة اللامبالاة بعد أن كانت في ما مضى تشعر بالغيرة والقلق عندما ترى صُوّر صديقاتها اللواتي ينتمين إلى عائلات غنيّة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهنّ يُسافرن ويستمتعن بأوقاتهن ويشترين ملابس باهظة الثمن.
لكن ذا يوم قرأت منال مقولة تقول إنّ تعاسة الناس تأتي من مُقارنة حياتهم بحياة الآخرين. كان لهذه المقولة وقع كبير عليها، فقرّرت منال تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبدأت تتعلّم الطبخ لأنّها شغوفة به.
مُنذ ذلك الوقت، تبدّلت حياتها 180 درجة. الآن تعيش مع زوجها سعيدة، لكن صديقاتها، على الرغْم من نجاحهن المادي، فاشلات اجتماعيًّا.
أمّا أنا، فأُمارس فن اللامبالاة مُنذ زمن، وخُصوصًا في السنوات الأخيرة التي أخفقت فيها كثيرًا حتّى وصلت إخفاقاتي إلى عنان السماء. لقد حاولت القيام بأمور عدّة، لكن الفشل يُلاحقني. مع ذلك، أستمر في استخلاص الدروس منه، وأجعل إخفاقاتي مصدر إلهام للآخرين.
كيفيّة جعل فن اللامبالاة جزءًا من حياتك اليوميّة
إذا أردت أن تكتسب فن اللامبالاة، ينبغي لك تحديد قيّمك عن طريق طرح الأسئلة التالية على نفسك: ما هي الأمور التي تهمني؟ ما هي القيم التي أرغب في العيش بها؟ عندما يُحدّد الإنسان قيّمه في الحياة، تتّضح الأمور بالنسبة إليه، ما يجعله يُركّز اهتمامه على الأمور الجديرة بذلك، ويتجاهل الأمور الأُخرى التي تُضيع الوقت والطاقة والجُهد دُون أن تُضيف شيئًا إلى حياتنا.
تبنّي فن اللامبالاة لا يأتي فقط بتحديد القيّم التي تُريد العيش بها، بل يأتي أيضًا بالاقتناع الراسخ بأنّ إرضاء الناس غاية لا تُدرك. فمهما بذلت من مجهود، فإنّ أغلب الناس لن يُبالوا به أو يعترفوا به. فأغلب الذين التقيت بهم في حياتي يتمنون رُؤيتك فاشلًا، ويتعاطفون معك في فشلك، ولن يتمنوا نجاحك؛ لأنّ نجاحك سيجلب لهم الألم، فهم لا يهتمون بحياتهم ولا يتوقّفون عن مُقارنة حياتهم بحياة الآخرين.
بالإضافة إلى ما سبق، فإنّ اكتساب فن اللامبالاة ليس صعبًا، خاصةً مع التركيز على الحاضر والانغماس في التعلّم وتطوير مهاراتك، والاهتمام بصحتك وتثقيف نفسك. فالتفكير في الماضي يستهلك طاقة كبيرة ويُغرقك في الندم، أمّا التفكير في المُستقبل المجهول والقلق بشأنه فهو غباء؛ لأنّك لا تدري إن كُنت ستكون موجودًا في المستقبل. فقد تموت الآن أو غدًا أو في أيّ يوم دُون سابق إنذار.
كيفما هو معروف، فالحياة مليئة بالتحدّيات والإخفاقات المُتكرّرة والمُعاناة، وكل هذه الأمور تمنح معنى لحياتنا وتُعلّمنا دُروسًا قيّمة. لكن ما يجعلنا أقوى هو عدم المُبالاة بالأمور التي لا نستطيع تغييرها، والتركيز على الأُمور التي نستطيع تغييرها في أيّ وقت نُريد.
التحدّيات التي قد تواجهك عند تطبيق فن اللامبالاة
اعلم علم اليقين أنّ جميع الأمور التي طُرِحت من أجل تبنّي فلسفة اللامبالاة قد تبدو صعبة في البداية، لكن عند البَدْء في تطبيقها في حياتك اليومية، ستُصبح مع الوقت جُزءًا من هويّتك وشخصيّتك.
التحدّي الأول الذي قد تُواجهه عند تبنّي فلسفة اللامبالاة هو الشعور بالذنب، وهذا أمرٌ طبيعي يحدث فقط في الأيام أو الأشهر الأولى، لكنّه يتلاشى مع الوقت. جميعنا قد نشعر بالذنب عندما نتجاهل توقّعات الآخرين أو نرفض طلباتهم، خاصةً آباءنا الذين يرغبون في أن نُحقّق أحلامهم التي لم يتمكّنُوا هم من تحقيقها.
التحدّي الثاني هو الضغط الاجتماعي، فالمجتمع قد يحكم عليك إذا لم تتّبع معاييره أو لم تكُن جزءًا من القطيع. لكن ثق بقراراتك، وركّز على نِقَاط قُوّتك، ولا تأبه بآراء الناس السلبيّة. لكن، قم دائمًا بتقييم ما تفعله، ففي بعض الأحيان يسير بعض الأشخاص في الطريق الخاطئ، وعندما ينصحهم الآخرون يظنون بجهالة أنّ الآخرين يحسدونهم.
التحدّي الثالث هو الخوف من الفُقدان، خاصةً فُقدان علاقات الصداقة القديمة أو الفُرص التي في متناول اليد. لكن إذا كُنت واثقًا بنفسك، فاستمر، وسيأتي اليوم الذي تُصبح فيه مصدر إلهام لكل من استهزأ بك أو قلّل من قيمتك يومًا.
فوائد فن اللامبالاة
فن اللامبالاة يحمل فوائد عدّة، ومن أبرزها تحقيق السلام الداخلي. عندما يتوقّف الإنسان عن القلق بشأن الأمور الثانوية وغير المهمة، فإنّه يشعر براحة البال والسكينة.
إلى جانب ذلك، يُعزّز تبنّي فلسفة اللامبالاة الثقة بالنفس، حيث تُصبح قرارات الفرد مبنيّة على قيّمه ومبادئه الشخصيّة التي يُؤمن بها، بدلًا من مُحاولة إرضاء الآخرين أو الانشغال برأيهم.
إضافةً إلى ذلك، يُساعد فن اللامبالاة على بناء علاقات صحيّة بالآخرين، إذ تُصبح العلاقات قائمة على الاحترام والتفاهم المتبادل، ما يُضيف قيمة حقيقية للحياة. كما يدفعك هذا الفن إلى الابتعاد عن العلاقات السامة التي تستنزف طاقتك، تمامًا كما تبتعد الأرض عن السماء.
كيفيّة مُمارسة اللامبالاة في الحيّاة اليوميّة
يُمكنك مُمارسة فن اللامبالاة في حياتك اليوميّة من خلال تبنّي بعض العادات البسيطة وسهلة التنفيذ، والتي يُمكن أن تبدأ بها من اليوم الأول.
ومن هذه العادات:
- قول “لا” عند الضرورة: تعلّم رفض الطلبات التي تتعارض مع قيّمك أو تُضيف عبئًا غير ضروري على حياتك. فالرفض ليس أنانيّة، بل هو احترام لوقتك وطاقتك.
- تدوين أفكارك يوميًا: خصّص وقتًا يوميًا لتدوين أفكارك ومشاعرك. هذه العادة، التي أُمارسها منذ سنوات، تُساعدك على فهم النفس بعُمق، واكتشاف ما يجب تغييره في الحياة أو العادات التي ينبغي التخلّص منها.
- تجنّب الأشخاص والأماكن السلبيّة: ابتعد قدر الإمكان عن الأشخاص أو الأماكن التي تستنزف طاقتك أو تُؤثّر سلبًا في مزاجك، أو تُعكّر صفاء أفكارك.
- عدم مُقارنة نفسك بالآخرين: تذكّر أن لكل شخص أهدافه وظُروفه الخاصة. فالمُقارنة المُستمرة مع الآخرين تُؤدّي إلى الإحباط، في حين التركيز على نفسك يُحقّق لك التقدّم.
- التعلّم من الماضي، لا الندم عليه: الماضي مليء بالدروس الملهمة، فلا تندم عليه، بل استفد من تجاربه لتطوير نفسك.
- التوقّف عن القلق بشأن المُستقبل: لا تشغل بالك بالمُستقبل المجهول، فقد لا تصل إليه. بل، ركّز على الحاضر واستثمر وقتك في ما يُمكنك التحكّم فيه الآن.
- تجاهل الانتقاد السلبي: لا تدع الانتقادات السلبية تُؤثّر فيك، لكن كُن مُنفتحًا على الانتقاد البناء الذي يُساعدك على تحسين نفسك وتطوير مهاراتك.
- التغيير التدريجي: لا تُحاول تغيير كل شيء دُفعة واحدة، بل قم بالتغيير تدريجيًا وبهُدوء، حتّى لا يُلاحظ المحيطون بك ذلك ويُؤثّروا في قراراتك.
- التركيز على الأهداف: اللامبالاة لا تعني الانعزال عن المجتمع، بل تعني التركيز على أهدافك الشخصيّة. وعندما تُحقّق هذه الأهداف، ستتمكّن من الإسهام في تنميّة مُجتمعك بإيجابيّة.
- تجنّب الدراما: لا تسمح للدراما أن تُسيّطر على حياتك، فهي سبب في تدمير حياة الملايين حول العالم. بل، ركّز على ما هو حقيقي ومُفيد.
أخطاء شائعة عند تبنّي فلسفة اللامبالاة
عند تبنّي فلسفة اللامبالاة، يقع كثير من الناس في أخطاء شائعة تُؤدّي بهم إلى نتائج عكسية، إمّا في حياتهم الشخصيّة وإمّا في حياتهم المهنيّة. ومن أبرز هذه الأخطاء:
- عدم التوازن بين المبالاة واللامبالاة: يُخطئ البعض في فهم فلسفة اللامبالاة، فيتطرّفُون في التجاهل، ما يُؤدّي إلى تعقيد الأمور بدلًا من تبسيطها. فاللامبالاة لا تعني إهمال كل شيء، بل تعني التركيز على ما هو مهم وتجاهل ما هو غير ضروري.
- غياب التعاطف عند الحاجة: يعتقد البعض أنّ اللامبالاة تعني القضاء على التعاطف مع الآخرين، وهذا خطأ كبير. فالتعاطف هو ما يجعلنا بشرًا، وهو ضروري في المواقف التي تتطلّب الدعم والمُساندة.
- إساءة استخدام اللامبالاة: في بعض الأحيان، تتحوّل اللامبالاة إلى تجاهل مقصُود بهدف الإساءة أو الإضرار بالآخرين. هذا النوع من السُلوك يظهر بصورة خاصّة في العلاقات الزوجيّة، حيث يرى بعض الأزواج العلاقة الزوجيّة كساحة حرب بدلًا من كونها مساحة للحب والتفاهم.
خُلاصة القول
فن اللامبالاة ليس دعوة للتجاهل، خُصوصًا في العلاقات الاجتماعيّة، كما يعتقد البعض عن جهل. بل هو مهارة تحتاج إلى مُمارسة وتطوير مع مرور الوقت، وتتطلّب حكمة وتوازنًا في تطبيقها.
يُذكّرك فن اللامبالاة بأمر مهم: حياتك ملك لك، فلا تدع الآخرين يفرضون عليك ما يجب أن تهتم به أو ما يجب أن تتجاهله. فأنت وحدك المسؤُول عن تحديد قيّمك وأولوياتك.
اللامبالاة لا تعني الانعزال عن العالم أو العيش في عزلة. على النَّقيض من هذا، هي وسيلة للتفاعل مع العالم بطريقة صحيّة وواعيّة، تجعلنا نُركّز على الأمور التي تُضيف قيمة حقيقية لحياتنا، ونتجاهل ما يستهلك طاقتنا دون جدوى.
مع السلامة!
اكتشاف المزيد من El Gouzi Talks Ar
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.