تطوير الذات

عوامل اكتساب العادة: كيف تبني عادات جديدة؟

جميعنا نتطلّع إلى اكتساب عادات جديدة، إلّا أنّ مُعظمنا لا يُدرك عوامل اكتساب العادة. لذلك، قرّرنا في هذه المقالة أن نُوضّح لكم جميع العوامل التي تُؤثّر في اكتساب العادة، مع تقديم أمثلة توضيحيّة، إلى جانب شرح مُفصّل للعادة ومُكوّناتها خُطوة بخطوة.

في واقع الأمر، تُمثّل العادات جُزءًا أساسيًا من حياتنا اليومّية، وتُؤثّر تأثيرًا كبيرًا في سُلوكنا وتُحدّد مسار حياتنا عُمومًا.

تتنوّع هذه العادات، وقد تكون عادات إيجابيّة أو سلبيّة، وقد تتشكّل دون وعي منّا، أو قد نُصمّمها عن عمد لتحقيق أهداف شخصيّة مُعيّنة.

تُعدّ عمليّة فهم كيفيّة اكتساب العادات وتشكيلها أمرًا ضروريًا لفهم سُلوك الإنسان بعُمق وكيفيّة تأثيرها في حياتنا وتطوّرنا الشخصي.

يتطلّب فهم هذه العوامل وتأثيرها في عمليّة تكوين العادات تحليليًا شاملًا.

لهذا السبب، سوف نُقدّم لكم في هذه المقالة عوامل اكتساب العادة من أجل تعزيز العادات الإيجابيّة والتخلّص من العادات السلبيّة.

فهم العادة

تُعدّ العادة نوعًا من السلوكيات المُتكررة التي يقوم بها الفرد بطريقة تلقائيّة دون الحاجة إلى تفكير مُستمر فيها.

من المهم أن نفهم أنّ العادات ليست مُجرّد سلوكيات عشوائيّة، بل هي نتاج لعمليّة تكوين مُعيّنة في الدماغ تتأثّر بعدّة عوامل.

يعتمد تكوين العادة على عدّة عوامل، منها: العوامل الوراثة والبيئة والتربية والتعلّم.

في السياق ذاته، تلعب الوراثة دورًا مُهمًا في تحديد ميل الشخص لتطوير بعض العادات، في حين تلعبان البيئة والتربية دورًا كبيرًا في تشكيل العادات خلال مراحل النمو والتطوّر.

على سبيل المثال، قد يكون لدى شخص ميل وراثي للاكتساب السريع للعادات المُتعلّقة بالنظافة الشخصيّة، لكن بيئته العائليّة وتربيّته قد تُؤثّر أيضًا في تكوين هذه العادات.

تتشكّل العادات أيضًا انطلاقًا من عمليّة التعلّم، حيث تُكوّن عن طريق التجارِب والتكرار المُستمر.

عندما يقوم الشخص بتنفيذ سُلوك مُعيّن ويُحقّق نتائج إيجابيّة، يميل إلى تكرار هذا السلوك في المُستقبل، وبهذه الطريقة تتشكّل العادة تدريجيًا.

يُمكن أن تكون العادات إمّا إيجابيّة وإمّا سلبيّة، وتُؤثّر تأثيرًا كبيرًا في حياة الفرد وصحته العقليّة والجسديّة.

لذلك، يُعدّ فهم العادات وعمليّة اكتسابها وتغييرها جُزءًا أساسيًا من عملية تطوير الذات.

بفضل فهم العوامل التي تُؤثّر في عملية تكوين العادة، يُمكن للفرد توجيه جُهوده نحو تعزيز العادات الإيجابيّة والتخلّص من العادات السلبيّة لتحقيق ما يرغب فيه.

تعريف العادة

تُشير العادة، في علم النفس، إلى أيّ نوع من السلوك المُتكرر بانتظام، الذي يتمّ تنفيذه دون الحاجة إلى كثيرًا من التفكير أو التحليل…

يُمكن أن تكون العادات جُزءًا من أيّ نشاط يقوم به الإنسان، سواءً كانت مُرتبطة بالأنشطة اليوميّة مثل: الأكل والنوم، أو بالأنشطة العقليّة مثل: التفكير واتخاذ القرارات، أو حتّى بالتفاعلات الاجتماعيّة والعلاقات الشخصيّة.

تتشكّل العادات عن طريق التعزيز، حيث يتمّ تعزيز السُلوك المرغوب بمكافأة أو تحقيق نتيجة إيجابيّة، ما يجعله أكثر احتماليّة لتكراره في المُستقبل.

عندما يتكرّر السلوك بانتظام، يُصبح جزءًا من نمط الحياة للشخص، وبذلك يتحوّل إلى عادة.

أنواع العادات

هُناك عدّة أنواع للعادات، في الجدول التالي، سوف نُقدّم لكم كل نوع مع إعطاء أمثلة:

نوع العادةأمثلة
العادات الصحيةمُمارسة التمارين الرياضية يوميًا، تناول الفواكه والخضروات بانتظام، شُرب كَمّيَّة كافية من الماء يوميًا، الحصول على قسط كافٍ من النوم…
العادات الاجتماعيةالاجتماع مع الأصدقاء لتناول الطعام بانتظام، المُشاركة في الأنشطة التطوعيّة، زيارة الأقارب…
العادات العمليةتحديد أهداف يوميّة وإنشاء جدول زمني لتحقيقها، تنظيم مكان العمل لزيادة الإنتاجيّة، مُمارسة تقنيات إدارة الوقت مثل تقنية “بومودورو”، تقليل التشتت، تخصيص وقت مُحدّد لإنجاز المهام اليوميّة والأسبوعيّة…
العادات العقليةمُمارسة التفكير الإيجابي، مُمارسة القراءة اليوميّة لتوسيع المعرفة وتحفيز العقل…
العادات السلبيةالتدخين، شُرب الكحول، الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، الإفراط في تناول الطعام أو تناول الطعام غير الصحي، التسويف والكسل في القيام بالمهام والأنشطة اليوميّة، القلق المُستمر والتفكير السلبي…
العادات الإبداعيةالكتابة الإبداعية، التصوير الفوتوغرافي، الرسم والتلوين، الابتكار والتفكير خارج الصندوق لإيجاد حلول جديدة، تبادل الأفكار…

أهمية العادات

تكمن أهمية العادات في تحديد مسار حياتنا وتوجيه سُلوكياتنا اليوميّة بطريقة تلقائيّة، وتعمل على تنظيم أنشطتنا وتشكيل هويّتنا الشخصيّة. عندما تتحوّل السُلوكيات إلى عادات، يُصبح من السهل علينا تنفيذها دون الحاجة إلى اتخاذ قرارات مُتكررة، ما يُوفّر علينا الوقت والطاقة ويُسهّل تحقيق أهدافنا…

زيادة على ذلك، تعمل العادات على تعزيز التنظيم الذاتي والانضباط وبناء الثقة بالنفس

تكوين العادة

تتجلّى عملية تكوين العادات في تحويل السلوكيات إلى عمليّات تشغيل تلقائية. على سبيل المثال، عندما يقوم شخص مّا بتكرار تنظيف أسنانه بانتظام كل صباح ومساء دون تفكير، فإنّه يُكوّن عادة تنظيف الأسنان.

في السياق ذاته، عندما يُقرّر شخص مّا تنظيم وقته يوميًا لمُمارسة التمارين الرياضيّة، فإنّه يعمل على تكوين عادة النشاط البدني المُنتظمة.

حلقة العادة

بالنسبة إلى تشارلز دوهيج كاتب كتاب قوة العادات : فإنّ “حلقة العادة هي دائرة عصبية تُدير كل عادة، وتتألّف من ثلاثة عناصر رئيسة: المؤشر، والروتين، والمكافأة. يُساعد فهم هذه العناصر على التعرّف إلى كيفيّة تغيير العادات السلبيّة أو تكوين عادات جيّدة.”

تتكوّن حلقة العادة من ثلاثة أجزاء: المُؤشّر، والروتين، والمكافأة.

  1. المُؤشّر: هو ما يُثير العادة، مثل: الزمان أو المكان أو المشاعر. على سبيل المثال، كلّما شعرت بالجوع (المؤشر)، قد تأكل قطعة من الشوكولاته (الروتين)، ما يُؤدّي إلى الشُعور بالرضا (المكافأة).
  2. الروتين: هو السُلوك الذي نقوم به بعد المُؤشّر. على سبيل المثال، عندما نشعر بالتوتر (المؤشر)، قد نلجأ إلى تناول وجبة سريعة (الروتين) للتخفيف التوتر.
  3. المُكافأة: هي الاستجابة التي نحصل عليها بعد القيام بالروتين، والتي تُشجّعنا على تكرار العادة. على سبيل المثال، قد نشعر بالانتعاش والراحة (المكافأة) بعد شرُب كوب من القهوة (الروتين)، ما يجعلنا نرغب في شُرب المزيد من القهوة في المُستقبل.

بهذه الطريقة، تعمل حلقة العادة على تثبيت سلوك مُعيّن عن طريق تكرار الروتين في استجابة للمؤشر والحصول على المُكافأة المرغوبة.

عوامل اكتساب العادة

تضمّ عوامل اكتساب العادة عدّة عوامل؛ هذه العوامل تُساعد على تشكيل وتثبيت السلوك الذي يتكرّر بانتظام. من بين هذه العوامل، نذكر:

العوامل النفسية

تلعب العوامل النفسية دورًا حاسمًا في عمليّة تكوين العادات الجديدة وتثبيتها. أدناه، بعضها:

  1. الدافع والرغبة: قد تكون الرغبة في الحصول على اللِّيَاقَة البدنيّة أو فُقدان الوزن هي الدافع وراء تبنّي عادة مُمارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  2. الثقة بالنفس: يلعب الإيمان بالقُدرة على تحقيق التغيير دورًا مُهما في نجاح تشكيل العادات الجديدة.
  3. الإدراك والوعي: عندما يُدرك الشخص تأثير سُلوك مّا في صحته أو حياته اليوميّة، يُصبح أكثر استعدادًا لاتخاذ القرارات الصحيحة وتبنّي العادات الصحيّة لتجنّب حدوث المشكلات لاحقًا.

العوامل الاجتماعية

تلعب العوامل الاجتماعية دورًا بارزًا في تشكيل العادات الفردية. أدناه، بعض العوامل الاجتماعية التي تُؤثّر في عمليّة تكوين العادات:

  1. التأثير الاجتماعي: تلعب العائلة، والأصدقاء، والمجتمع أدورًا مُهمّة في تشكيل عادات الفرد. على سبيل المثال، إذا كان أفراد العائلة يُمارسون الرياضة بانتظام، فمن المُحتمل أن يقوم الشخص بالشيء ذاته بتقليدهم.
  2. الضُغوط الاجتماعية: يُمكن أن تُؤثّر التوقّعات المُجتمعيّة والضُغوط الاجتماعية في سُلوك الفرد تأثيرًا كبيرًا. على سبيل المثال، في بعض المُجتمعات، قد تُواجه النساء ضُغوطًا اجتماعيّة لتناول الطعام باعتدال للحفاظ على الوزن المثالي…

العوامل البيئية

تقوم العوامل البيئية بدور حاسم في تشكيل العادات الفردية. أدناه، بعض هذه العوامل:

  1. الفُرصة: يُؤثّر توفّر الفُرص والموارد تأثيرًا كبيرًا في اكتساب العادات. على سبيل المثال، إذا كانت هُناك صالة رياضية مُجهّزة بالقُرب من مكان الإقامة، فقد يكون من السهل على الشخص تنفيذ عادة مُمارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  2. البيئة: إذا كانت المنطقة المُحيطة بالمكان مليئة بالمطاعم السريعة وخيارات غذائية غير صحية، فقد يكون من الصعب على الشخص تبنّي عادة تناول الطعام الصحي.

العوامل البيولوجية

تلعب العوامل البيولوجية دورًا مُهمًا في عمليّة اكتساب العادات. في ما يلي بعض هذه العوامل:

  1. التعلّم والذاكرة: يُؤثّر الدماغ تأثيرًا كبيرًا في عمليّة اكتساب العادات والتعلّم. عندما يقوم الفرد بتكرار سلوك مُعيّن يحدث تغيير في الهياكل العصبية في الدماغ، ما يُؤدّي إلى تثبيت العادة في الذاكرة وجعلها سهلة التكرار في المُستقبل. على سبيل المثال، عندما يتعلّم الشخص ركُوب الدراجة، تُشكّل مسارات عصبيّة جديدة في الدماغ تدعم هذه العادة وتجعلها أكثر سلاسة.
  2. الوراثة: تُشير البحوث إلى أنّ الوراثة تلعب دورًا مُهمًا في تحديد قُدرة الفرد على تشكيل العادات. يعني ذلك أنّ الجينات التي يرثها الفرد قد تُؤثّر في نمط استجابته للتحفيزات الخارجية وعلى مدى تلقّيه للمكافآت والمُحفّزات. مع ذلك، يُمكن تكوين عادات إيجابيّة إذا أردت مهما كانت الظروف.

النصائح العملية لتغيير العادات

في ما يلي بعض النصائح العمليّة التي يُمكن أن تُساعد على تسهيل عمليّة اكتساب وبناء العادات:

  1. تحديد الهدف بوُضوح: قبل البَدْء في تغيير العادة، ينبغي لنا تحديد الهدف بوُضوح، على سبيل المثال: فُقدان الوزن الزائد…
  2. تقسيم العمليّة إلى خُطوات صغيرة: من المُهم تقسيم عمليّة تغيير العادة إلى خُطوات صغيرة وقابلة للتنفيذ.
  3. تحفيز النفس: يجب تحفيز النفس على الوجه المُناسب للبقاء على الطريق الصحيح بغض النظر عن الظروف.
  4. الاعتماد على الدعم الاجتماعي: يُمكن للدعم الاجتماعي سواءً من طرف الأصدقاء أو العائلة أن يمنحك الدافع والتشجيع للمُضي قُدمًا.
  5. الصبر والاستمرار: قد لا تتغيّر العادة في ليلة وضُحاها، لكن من المُهم أن تبقى مُصممًا وصبورًا وتستمر في مُحاولة تحقيق الهدف المُحدّد.

عادات إيجابية يومية

عادات إيجابية يومية لتطوير نفسك:

  1. القراءة بانتظام.
  2. تعلّم أشياء جديدة.
  3. الصلاة.
  4. تحديد أهداف قصيرة وطويلة المدى…
  5. مُمارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  6. التواصل مع أصدقائك والأشخاص الذين يلهمونك وتشجيعك في تطوير نفسك.
  7. الاهتمام بالصحة العقليّة.

خلاصة القول

في الختام، يتبيّن لنا أنّ فهم عوامل اكتساب العادة أمر مُهم إذا كُنّا نرغب في تشكيل سُلوكنا ونمط حياتنا وتكوين عادات إيجابيّة تعود على الفرد والمجتمع بالفائدة.

بفضل فهم الإشارات التي تُحفّزنا، والروتينات التي نُنفّذها، والمُكافآت التي نحصل عليها، يُمكننا أن نبني عادات إيجابيّة ونتخلّص من العادات السلبيّة بفعاليّة.

El Gouzi Talks

El Gouzi (بالعربية : الڭوزي)، كاتب مغربي: * حاصل على درجة الماجستير في الديداكتيك واللغة والآداب الفرنسية. * أشارك اهتماماتي وتجاربي الشخصية مع القرّاء… * شغوف بالقراءة والتعلّم المستمر. * أسعى دائمًا لاكتساب المعرفة وتحسين مهاراتي الشخصية. * أعدّ الإنترنت وسيلةً للتواصل والتعبير عن اهتماماتي وآرائي.

اترك تعليقًا أو سؤالًا

زر الذهاب إلى الأعلى