أسباب عدم تقدير الذات

أسباب عدم تقدير الذات

يُعدّ تقدير الذات ركيزة أساسية للصّحة النفسيّة والعاطفيّة، فهُو يُؤثّر تأثيرًا كبيرًا في نظرتنا لأنفسنا، وقراراتنا، وعلاقاتنا بالآخرين.

في حقيقة الأمر، يُعاني كثيرًا من الأفراد من تدني مُستوى تقدير الذات، ما يُؤدّي بهم إلى مُشكلات نفسيّة واجتماعيّة…

لذا، في هذه المقالة، سوف نكشف لكم أسباب عدم تقدير الذات، وسوف نشرح لكم جُذور هذه المُشكلة المُعقّدة بالتفصيل المُمل، بالإضافة إلى طُرق العلاج.

قبل مُناقشة الأسباب، من المُهم أن نُعرّف مُصطلح “تقدير الذات“.

ببساطة، يُشير تقدير الذات إلى” التقييم العام الذي نُشكّله عن أنفسنا، ويشتمل على شُعورنا بالكفاءة، والقيمة، والاستحقاق“.

في الواقع، يتأثّر تقدير الذات بمجمُوعة من العوامل الداخليّة والخارجيّة، ويتطوّر ويتتغيّر بتجارِب الحياة المُختلفة.

أسباب عدم تقدير الذات

تتنوّع أسباب عدم تقدير الذات وتتراوح بين عوامل شخصيّة واجتماعيّة وبيئيّة.

في ما يلي بعض الأسباب الشائعة لعدم تقدير الذات:

تجارِب الطُفولة المُبكرة

تلعب تجارِب الطفولة دورًا حاسمًا في تشكيل تقدير الذات.

يُمكن أن يُؤدّي التعرّض للإهمال، أو الإساءة اللفظيّة أو الجسديّة، أو النقد المُستمر، أو المُقارنات غير العادلة مع الآخرين إلى تدني مستوى تقدير الذات لدى الطفل.

قد يشعر الطفل بأنّه غير محبوب، أو غير كُفء، أو غير جدير بالاهتمام، ما يُؤثّر في نظرته لنفسه في المُستقبل.

الضُغوط الاجتماعيّة والثقافيّة

تفرض المُجتمعات والثقافات المُختلفة معايير مُعيّنة للجمال، والنجاح، والسعادة.

لهذا السبب، قد يشعر الأفراد الذين لا يتوافقون مع هذه المعايير بالدونيّة، وعدم الكفاءة، ما يُؤدّي بهم إلى تدني مُستوى تقدير الذات.

على سبيل المثال، قد تُؤثّر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في نظرة الفرد لجسمه، وتجعله يشعر بعدم الرضا عن مظهره.

الأحداث الصادمة والتجارب السلبيّة

يُمكن أن تُؤدّي الأحداث الصادمة، مثل: فُقدان أحد الأحبّاء، أو التعرّض للتنمُر، أو الفشل في العلاقات الشخصيّة أو المهنيّة إلى تدني مُستوى تقدير الذات.

انطلاقًا ممّا سبق، قد يفقد الفرد ثقته بنفسه، ويشعر باليأس، وعدم القُدرة على التعامل مع التحدّيات المُستقبليّة.

أنماط التفكير السلبيّة

يلعب التفكير السلبي دورًا كبيرًا في تدني مُستوى تقدير الذات.

الأفراد الذين يميلون إلى التركيز على عُيوبهم، وانتقاد أنفسهم باستمرار، والتشكيك في قُدراتهم، يُعانون غالبًا بسبب تدني مُستوى تقدير الذات.

يُمكن أن تُؤدّي أنماط التفكير السلبيّة إلى التشاؤم، والشعور باليأس، وتجنّب التحدّيات الجديدة.

المُشكلات الصحيّة النفسيّة

تترافق بعض المُشكلات الصحيّة النفسيّة، مثل: الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، مع تدني مُستوى تقدير الذات.

يُمكن أن تُؤثّر هذه الاضطرابات في نظرة الفرد لنفسه، وتجعله يشعر بالعجز، وعدم الاستحقاق، وعدم القُدرة على التحكّم في حياته.

علامات تدني مستوى تقدير الذات

تتعدّد علامات تدني مُستوى تقدير الذات، وتشتمل على ما يلي:

  • النقد الذاتي المُستمر.
  • الشُعور بالذنب.
  • إيجاد صُعوبة في تقبّل الإطراء والثناء.
  • الخوف من الفشل وتجنّب التحدّيات.
  • المُقارنة المُستمرة مع الآخرين والشعور بالدونيّة.
  • صُعوبة في اتّخاذ القرارات.
  • التركيز على الجوانب السلبيّة وتجاهل الإيجابيّات.
  • العُزلة الاجتماعيّة وتجنّب التفاعل مع الآخرين.
  • إيجاد الصُعوبة في التعبير عن الاحتياجات والمشاعر.
  • الشُعور باليأس وفُقدان الأمل.

علاج تدني مستوى تقدير الذات

لحُسن الحظ، يُمكن علاج تدني مُستوى تقدير الذات بمجمُوعة من الأساليب والاستراتيجيات.

في ما يلي بعض الخيارات العلاجيّة الفعّالة:

العلاج النفسي

يُمكن للعلاج النفسي، وخاصةً العلاج المعرفي السُلوكي، أن يُساعد الأفراد على تحديد أنماط التفكير السلبيّة، وتغييرها بأنماط تفكير أكثر إيجابيّة.

يُساعد العلاج النفسي أيضًا على تطوير مهارات التأقلم، وتعزيز الثقة بالنفس، وتحسين العلاقات الشخصيّة.

مُمارسة الرعاية الذاتيّة

تلعب الرعاية الذاتية دورًا مُهمًا في تعزيز تقدير الذات.

يُمكن أن تشتمل الرعاية الذاتية على مُمارسة التمارين الرياضيّة بانتظام، وتناول الطعام الصحي، والحُصول على قسط كافٍ من النوم، وتخصيص وقت للاسترخاء والترفيه.

إلى جانب ذلك، تُساعد الرعاية الذاتيّة على تحسين الصّحة الجسديّة والنفسيّة، ما يُعزّز الشعور بالثقة بالنفس والرضا عن الذات.

تطوير المهارات الشخصيّة

يُمكن أن يسهم تطوير المهارات الشخصيّة في تعزيز تقدير الذات.

على سبيل المثال، يُمكن للأفراد التركيز على تطوير مهارات التواصل، أو مهارات حل المشكلات، أو مهارات إدارة الوقت، ما يُعزّز الشُعور بالإنجاز والكفاءة.

تحديد الأهداف وتحقيقها

يُساعد تحديد الأهداف وتحقيقها على تعزيز الشُعور بالإنجاز والكفاءة، ما يُعزّز تقدير الذات.

يُمكن أن تكون الأهداف صغيرة في البداية، ثم تتزايد تدريجيًا مع اكتساب الفرد المزيد من الثقة بنفسه.

تجنّب المُقارنة مع الآخرين

من المُهم تجنّب المُقارنة مع الآخرين، لأنّها غالبًا ما تُؤدّي إلى الشُعور بالدونيّة وعدم الكفاءة.

ينبغي للفرد أن يُركّز على رحلته الشخصيّة وتطوّره الخاص، بدلًا من مُقارنة نفسه بالآخرين.

تغيير أنماط التفكير السلبيّة

ينبغي للأفراد الذين يُعانون بسبب تدني مُستوى تقدير الذات التركيز على تغيير أنماط تفكيرهم السلبية.

يُمكن أن يتحقّق ذلك بتحدّي الأفكار السلبيّة، واستبدالها بأفكار إيجابية وواقعيّة.

على سبيل المثال، بدلًا من قول “أنا فاشل”، يُمكن للفرد أن يقول “لقد ارتكبت خطأ، وسوف أتعلّم منه في المرة القادمة”.

التركيز على الإيجابيّات

ينبغي للأفراد الذين يُعانون من تدني مُستوى تقدير الذات التركيز على إيجابياتهم وإنجازاتهم، بدلًا من التركيز على عُيوبهم.

يُمكن أن يُساعد ذلك على تعزيز الشُعور بالثقة بالنفس والرضا عن الذات.

الاحتفال بالإنجازات الصغيرة والكبيرة

من المُهم الاحتفال بالإنجازات الصغيرة والكبيرة، لأنّها تُعزّز الشُعور بالإنجاز والتقدّم.

يُمكن أن يكون الاحتفال بسيطًا، مثل: مُكافأة الذات على تحقيق هدف مّا، أو مُشاركة الإنجاز مع الأصدقاء والعائلة.

مُمارسة الامتنان

تُعدّ مُمارسة الامتنان من الطُرق الفعّالة لتعزيز تقدير الذات.

يُمكن للأفراد التركيز على الأشياء الإيجابيّة في حياتهم، وتقديرها، والشُعور بالامتنان تجاهها.

يُمكن أن يُساعد ذلك على تحسين المِزَاج، وتقليل التوتر، وتعزيز الشعور بالسعادة والرضا عن الذات.

تطوير الذات

يُعدّ تطوير الذات جُزءًا أساسيًا من تعزيز تقدير الذات.

يُمكن للأفراد التركيز على تطوير مهارات جديدة، أو تعلّم أشياء جديدة، أو اكتشاف مواهبهم واهتماماتهم.

يُساعد تطوير الذات على تعزيز الشُعور بالكفاءة، وتعزيز الثقة بالنفس، وتحقيق النُمو الشخصي.

بناء علاقات إيجابيّة

تلعب العلاقات الإيجابيّة دورًا مهمًا في تعزيز تقدير الذات.

ينبغي للأفراد التركيز على بناء علاقات صحيّة بالأشخاص الذين يدعمونهم، ويُقدّرُونهم، ويحترمُونهم.

يُمكن أن تُوفّر العلاقات الإيجابيّة الدعم العاطفي، وتشجيع النُمو الشخصي، وتعزيز الشُعور بالانتماء.

مُساعدة الآخرين

يُمكن أن تسهُم مُساعدة الآخرين في تعزيز تقدير الذات.

عندما يُقدّم الفرد المُساعدة للآخرين، فإنّه يشعر بالفائدة والقيمة، ما يُعزّز الشُعور بالرضا عن الذات.

يٌمكن أن تكون مُساعدة الآخرين أمرا بسيطًا، مثل: التطوع في المُجتمع، أو تقديم المُساعدة لصديق أو جار.

التسامح مع الذات

من المُهم أن يتعلّم الأفراد التسامح مع أنفسهم، لأنّ الكُل يرتكب أخطاء، ومن المُهم أن يتعلّم الفرد من أخطائه ويتجاوزها، بدلًا من لوم نفسه باستمرار.

يُمكن أن يُساعد التسامح مع الذات على تعزيز الشُعور بالسلام الداخلي، وتقليل التوتر، وتحسين الصحة النفسيّة.

التركيز على القيّم الشخصيّة

يُساعد التركيز على القيّم الشخصيّة على تعزيز الشُعور بالهدف والمعنى في الحياة.

ينبغي للأفراد تحديد القيّم التي يهتمون بها، والعيش وفقًا لها.

يُمكن أن يُساعد ذلك على تعزيز الشُعور بالرضا عن الذات، وتوجيه القرارات، وتحقيق النُمو الشخصي.

تقبّل الذات

يُعدّ تقبّل الذات جُزءًا أساسيًا من تعزيز تقدير الذات. لذا، يجب على الأفراد تقبّل أنفسهم بكل ما لديهم من إيجابيات وسلبيات، والتعامل مع عيوبهم بلطف.

يُمكن أن يُساعد تقبّل الذات على تعزيز الشُعور بالسلام الداخلي، وتقليل التوتر، وتحسين الصحة النفسيّة.

التعبير عن المشاعر

يُعدّ التعبير عن المشاعر جُزءًا أساسيًا من الصحة النفسيّة. لذا، يجب على الأفراد تعلّم أساليب التعبير عن مشاعرهم بطُرق صحيّة، سواء كانت إيجابيّة أو سلبيّة.

يُمكن أن يُساعد التعبير عن المشاعر على تحسين التواصل، وتقليل التوتر، وتعزيز العلاقات الشخصيّة.

تحديد الحُدود الشخصيّة

ينبغي للأفراد تعلّم تحديد حُدودهم الشخصيّة، وحماية أنفسهم من الأشخاص أو المواقف التي تُسبّب لهم الضرر.

يُمكن أن يُساعد تحديد الحُدود الشخصيّة على تعزيز الشُعور بالاحترام، وتقليل التوتر، وتحسين العلاقات الشخصيّة.

التواصل مع الآخرين

يُعدّ التواصل مع الآخرين جُزءًا أساسيًا من الصحة النفسيّة. لذلك، ينبغي للأفراد التركيز على بناء علاقات صحيّة بالآخرين، والتواصل معهم على الأقل مرة في الأسبوع أو الشهر.

يُمكن أن يُساعد التواصل مع الآخرين على تعزيز الشعور بالانتماء، وتقليل التوتر، وتحسين الصحة النفسيّة.

الاستماع بانتباه

ينبغي للأفراد تعلّم الاستماع باهتمام للآخرين، وفهم مشاعرهم واحتياجاتهم.

يُمكن أن يُساعد الاستماع بانتباه على تعزيز العلاقات الشخصيّة، وتحسين التواصل، وتقليل سُوء التفاهم.

التسامح مع الآخرين

يجب على الأفراد التسامح مع الآخرين، وتجاوز الأخطاء والمواقف السلبيّة.

يُمكن أن يُساعد التسامح مع الآخرين على تعزيز الشُعور بالسلام الداخلي، وتقليل التوتر، وتحسين العلاقات الشخصيّة.

التركيز على الحاضر

غالبًا ما يُعاني الأفراد من تدني مستوى تقدير الذات بسبب التركيز على الماضي أو المُستقبل، ما يُؤدّي إلى الشُعور بالقلق والتوتر.

من المُهم أن يتعلّم الأفراد التركيز على الحاضر، والاستمتاع باللحظة الحاليّة.

الاستمتاع بالحياة

ينبغي للأفراد إيجاد طُرق للاستمتاع بالحياة، ومُمارسة الأنشطة التي تجعلهم سُعداء.

الاعتناء بالصحة الجسديّة

ينبغي للأفراد الاعتناء بصحتهم الجسدية بفضل مُمارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتناول الطعام الصحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم.

طلب المُساعدة عند الحاجة

من المُهم أن يتذكّر الأفراد أنّ طلب المُساعدة عند الحاجة ليس علامة ضُعف، بل علامة قُوّة.

إذا كنت تُعاني من تدني مستوى تقدير الذات، فلا تتردّد في طلب المُساعدة من اختصاصي الصحة النفسيّة.

يُمكن أن يُساعدك العلاج النفسي على فهم أسباب المُشكلة، وتطوير استراتيجيات فعّالة لتعزيز تقدير الذات، وبناء حياة أكثر سعادة ونجاحًا.

خُلاصة القول

يُعدّ تدني مستوى تقدير الذات مُشكلة شائعة عند عدّة أشخاص.

لكن، لحُسن الحظ، يُمكن علاج هذه المُشكلة بمجمُوعة من الأساليب والاستراتيجيات، بما في ذلك: العلاج النفسي، والرعاية الذاتيّة، وتطوير المهارات الشخصيّة، وتغيير أنماط التفكير السلبيّة.

من المُهم أن تتذكّر أنّ تقدير الذات رحلة مُستمرة، وأن التخلّص من انخفاض تقدير الذات يتطلّب وقتًا وجُهدًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Scroll to Top